للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا صِلِيًّا﴾. قال: أَوْلَى بالخلودِ في جهنمَ (١).

وهذا الذي قاله ابن جريجٍ قولٌ لا معنَى له؛ لأن الله تعالى ذكرُه أخبَر أن الذين ينزعُهم مِن كلِّ شيعةٍ مِن الكَفَرَةِ أشدُّهم كفرًا، ولا شكَّ أنه لا كافرَ باللهِ إلا مُخَلَّدٌ في النارِ، فلا وَجْهَ، وجميعُهم مُخَلَّدون في جهنمَ، لأن يقالَ: ثم لنحن أعلمُ بالذين هم (٢) أحقُّ بالخلودِ مِن هؤلاء المُخَلَّدين. ولكن المعنى في ذلك ما ذكرنا.

وقد يحتمِلُ أن يكونَ معناه: ثم لنحن أعلمُ بالذين هم أَوْلَى ببعضِ طبقاتِ جهنمَ صِلِيًّا.

"والصِّلِيُّ" مصدرُ: صَلَيْتَ تَصْلِى صِلِيًّا. و"الصَّلِيُّ" فعولٌ، ولكنَّ واوَها انقلبَت ياءً فاندَغمت (٣) في الياءِ التي بعدَها التي هي لامُ الفعلِ، فصارت ياءً مشدَّدَةً.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإن منكم أيُّها الناسُ إلا واردٌ جهنمَ، كان على ربِّك يا محمدُ، إيرادُهموها قضاءً مَقْضِيًّا، قد قَضَى ذلك وأوْجَبَه في أمِّ الكتابِ.

واختلَفَ أهل العلمِ في معنى "الورودِ" الذي ذكَره اللهُ في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: هو الدخولُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا ابن عيينةَ، عن


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٠ إلى ابن المنذر.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في م: "فأدغمت".