للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عن الإيمان بهذا القرآن والتصديق بما فيه، فيُضِلَّه عنه - ﴿فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾. يقولُ: فما له من مُوفِّقٍ له، ومسدِّدٍ يُسَدِّدُه في اتِّباعه.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٢٥)﴾.

اختلف أهل التأويل في صفة اتِّقاء هذا الضالِّ بوجهه سُوء العذابِ؛ فقال بعضُهم: هو أن يُرْمَى به في جهنم مَكْبوبًا على وجهه، فذلك اتِّقاؤُه إيَّاه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثني محمد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ﴾. قال: يَخِرُّ على وَجْهه في النار، يقول: هو مِثْلُ: ﴿أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (١) [فصلت: ٤٠].

وقال آخرون: هو أن يُنْطَلَقَ به إلى النارِ مكتوفًا، ثم يُرْمَى به فيها، فأَوَّلُ ما تَمَسُّ النار وجهه. وهذا قولٌ يُذكرُ عن ابن عباس من وجه كرهت ذكره؛ لضعف سَنَدِه (٢)، وهذا أيضًا مما تُرِك جوابه، استغناءً بدلالة ما ذُكر من الكلام عليه عنه. ومعنى الكلام: أفمَن يَتَّقِي بوجهه سُوء العذاب يومَ القيامة خيرٌ، أم مَن ينعَمُ في الجنانِ؟

وقوله: ﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾. يقولُ: ويقالُ


(١) تفسير مجاهد ص ٥٧٨، ومن طريقه الفريابي - كما في التغليق ٤/ ٢٩٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٦ إلى المصنف.