للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه وأنذرناهم ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾. يقولُ: ليتذكَّروا تلك الحججَ عليهم، فيعقِلوا خطأَ ما هم عليه مُقيمونَ، ويَعْتبروا بالعِبَرِ، فيتَّعظُوا بها، ويُنبيوا من جهالتِهم فما يَعتَبرون بها، ولا يتذكَّرون بما يرِدُ عليهم من الآياتِ والنُّذُرِ، وما يزَيدُهم تذكيرُنا إيَّاهم ﴿إِلَّا نُفُورًا﴾. يقولُ: إِلا ذَهَابًا عن الحقِّ، وبُعدًا مِنه وهَرَبًا.

والنُّفورُ في هذا الموضعِ مصدرٌ من قولِهم: نفَر فلانٌ من هذا الأمرِ ينفِرُ منه نفْرًا ونُفُورًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (٤٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّهِ محمدٍ : قُل يا محمدُ لهؤلاء المشركينَ الذين جعَلوا مع اللَّهِ إلهًا آخرَ: لو كان الأمرُ كما تقولون، من أنَّ معه آلهةً، وليس ذلك كما تقولون، إذنْ لابتغتْ تلك الآلهةُ القرْبةَ من اللَّهِ ذى العرشِ العظيمِ، والتمسَت الزُّلْفَةَ إليه، والمرتبةَ منه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا﴾. يقولُ: لو كان معه آلهةٌ إذنْ لعرَفُوا له فضلَه ومرتبتَه ومنزلتَه عليهم، فابتغَوا ما يقرِّبُهم إليهِ (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا﴾. قال: لابتغَوا القُربَ إليه، مع أنَّه ليس كما يقولون (٢).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٢ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٧٨ عن معمر به.