للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا﴾ الآية. نذهَبُ نرفعُهم فوقَنا، ونكونُ تحتَهم، ونحن اليومَ فوقَهم وهم تحتَنا، كيف نصنعُ ذلك؟ وذلك حينَ أتَوهم بالرسالةِ. وقرأ: ﴿وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ﴾ [يونس: ٧٨]. قال: العلوُّ في الأرضِ.

وقولُه: ﴿فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ﴾. يقولُ: فكذَّبَ فرعونُ وملؤُه موسى وهارونَ، فكانوا ممَّن أهلَكَهم اللهُ، كما أهلَك مَن قبلَهم من الأممِ بتكذيبِها رسلَها.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: ولقد آتَينا موسى التوراةَ ليهتدِىَ بها قومُه من بني إسرائيلَ

ويعمَلوا (١) بما فيها.

﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً (٢)﴾. يقولُ: وجَعَلْنَا ابنَ مريمَ وأمَّه حجةً لنا على من كان بينَهم، وعلى قدرتِنا على إنشاءِ الأجسامِ من غيرِ أصلٍ، كما أَنشَأْنَا خَلْقَ عيسى من غيرِ أبٍ.

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمرٌ، عن قَتادَة في قولِه: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ﴾. قال: ولدَته من غيرِ أبٍ هو له (٣).

ولذلك وُحِّدتِ (٤) "الآيةُ" وقد ذكَرَ مريمَ وابنَها.

وقولُه: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ﴾. يقولُ: وضمَمناهما وصيَّرناهما إلى ربوةٍ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "يعملون".
(٢) سقط من: م.
(٣) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٤٦، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) في ت ١، ت ٢: "وجدت".