قرَءوا ذلك بالضمِّ فيما اختاروا فيه الضمَّ، إنما قرَءوه كذلك ليفرُقوا به بين الجمعِ والواحدِ.
والذي هو أولى بالصوابِ من القولِ في ذلك عندى أن الفتحَ في الواوِ من الوَلدِ والضمَّ فيها بمعنًى واحدٍ، وهما لغتان، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ الصوابَ، غيرَ أن الفتحَ أشهرُ اللغتَين فيهما؛ فالقراءةُ به أعجبُ إليَّ لذلك.
وقولُه: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أَعَلِمَ هذا القائلُ هذا القولَ عِلْمَ الغيبِ، فعَلِم أنَّ له في الآخرةِ مالًا وولدًا باطلاعِه على علمِ ما غاب عنه؟ ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾. يقولُ: أَمْ آمَن باللهِ وعمِل بما أمَرهُ به، وانتهَى عما نهاه عنه، فكان له بذلك عند الله عهدًا أن يؤتيه ما يقولُ من المال والولد؟.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾. بعملٍ صالحٍ قدَّمه (١).
يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿كَلَّا﴾ ليس الأمرُ كذلك، ما اطَّلَع الغيبَ، فعَلِم صدقَ ما يقولُ، وحقيقةَ ما يَذْكُرُ، ولا اتخَذ عندَ الرحمنِ عهدًا بالإيمان به وبرسولِه، والعملِ بطاعتِه، بلْ كذَّب وكفَر. ثم قال تعالى ذكْرُه: ﴿سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾. يقولُ: سنكتُبُ ما يقولُ هذا الكافرُ بربِّه، القائلُ: لأُوتَينَّ في الآخرةِ مالًا وَوَلَدًا. ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾. يقولُ: ونَزِيدُه من العذابِ في جهنمَ بقيلِه الكذبَ والباطلَ في الدنيا، زيادةً على عذابِه؛ بكفْرِه بالله.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٤ إلى ابن أبي حاتم.