للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتعظون بعظاتِ اللَّهِ، وتأتمرون لأمرِه، وتنتهون عما نهاكُم عنه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. قال: والذي هو خيرٌ لنا مِن هذا، أنَّ الله أعلَمنا هذا لكيلا نقَعَ فيه، لولا أنَّ الله أعلمناه لهلكْنا كما هلَك القومُ، أنْ يقولَ الرجلُ: أنا سمِعتُه ولم أخترِقْه ولم أتقوَّلْه، فكان خيرًا حينَ أعلمناه اللهُ؛ لئلا ندخُلَ في مثلِه أبدًا، وهو عندَ اللهِ عظيمٌ (١).

وقولُه: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾: ويفصِّلُ اللهُ لكم حُجَجَه عليكم، بأمرِه ونهيِه؛ ليتبيَّنَ المطيعُ له منكم مِن العاصى، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بكم وبأفعالِكم، لا يخفَى عليه شيءٌ، وهو مجازٍ المحسنَ منكم بإحسانِه، والمسيءَ بإساءتِه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيرِه خلقَه، وتكليفِه ما كلَّفَهم مِن الأعمالِ، وفرضِه ما فرَض عليهم مِن الأفعالِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: إِنَّ الذين يُحبُّون أن يَذيعَ الزِّنى في الذين صدَّقوا باللَّهِ ورسولِه، ويظهرَ ذلك فيهم، ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: لهم عذابٌ وجيعٌ في الدنيا، بالحدِّ الذي جعَله اللهُ حدًّا لرامى المحصَناتِ والمحصَنين إذا رمَوْهم بذلك، وفى


(١) ينظر التبيان ٧/ ٣٧٠ بمعناه مختصرا.