للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهدٌ بما حدَّثنى القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في قوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾. قال: الزِّنى، والسرقة، وقتل الناس، وإهلاكُ الحرثِ والنسل (١).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا حَكَّامٌ، عن عَنْبَسَةَ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمنِ، عن القاسم بن أبي بَزَّةَ، عن مجاهدٍ: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾ قال: الفسادُ: القتلُ والزِّنى والسرقة.

وأولى هذه الأقوالِ عِندِى بالصواب قولُ مَن قال: المحاربُ للهِ ورسولِه مَن حارب في سابلَةِ المسلمين وذمَّتِهم، والمغيرُ عليهم في أمصارهم وقُراهم حرابةً.

وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال بالصواب؛ لأنه لا خلافَ بينَ الحُجَّةِ أَن مَن نصب حربًا للمسلمين على الظلم منه لهم، أنه لهم محاربٌ. ولا خلاف فيه. فالذى وصفنا صفته، لا شكَّ فيه أنه لهم مُناصِبٌ حربًا ظُلمًا. وإذ كان ذلك كذلك، فسواءٌ كان نَصْبُه الحرب لهم في مِصْرِهم وقُراهم، أو في سُبُلِهم وطُرُقِهم - في أنه لله ولرسوله محاربٌ، بحربِه من نهاه اللهُ ورسولُه عن حربه.

وأمَّا قولُه: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾. فإنه يعنى: ويعملون في أرضِ الله بالمعاصى؛ من إخافة سُبُل عباده المؤمنين به، أو سبلِ ذِمَّتِهم وقطع طُرُقِهم، وأخذ أموالهم ظلمًا وعدوانًا، والتَّوَثُّب على حُرمهم فجورًا وفسوقًا.

القول في تأويل قوله: ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾.

يقول تعالى ذكرُه: ما للذي حارب الله ورسولَه، وسعَى في الأرض فسادًا،


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٩ إلى عبد بن حميد.