للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)﴾.

يقول تعالى ذكره لمحمدٍ : وما تسأل يا محمد هؤلاء الذين يُنكرون نبوَّتَك، ويمتنعون من تصديقك، والإقرار بما جئتهم به من عندِ ربِّك على ما تَدعُوهم إليه من إخلاص العبادة لربِّك، وهجر عبادة الأوثان، وطاعة الرحمن، ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾. يعنى: من ثواب وجزاءٍ منهم، بل إنما ثوابُك وأجرُ عملِك على الله. يقولُ: ما تسألهم على ذلك ثوابًا، فيقولوا لك: إنما تُريدُ بدعائك إيَّانا إلى اتِّباعِك، لتَنْزِلَ لك عن أموالنا إذا سألتنا ذلك، وإذ (١) كنت لا تسألهم ذلك، فقد كان حقًّا عليهم أن يعلموا أنك إنما تَدعُوهم إلى ما تدعوهم إليه، اتباعًا منك لأمرِ ربِّك، ونصيحةً منك لهم، وأن لا يَسْتغِشُّوك.

وقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾. يقول تعالى ذكره: ما هذا الذي أرسلك به ربُّك يا محمد من النبوَّة والرسالة، إلا ذكرٌ، يقول: إلا عظة وتذكيرٌ للعالمين، ليتعظوا ويتذكروا به.

القول في تأويل قوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)﴾.

يقول جلَّ وعزَّ: وكم من آية في السماوات والأرض لله، وعبرةٍ وحُجَّةٍ؛ وذلك كالشمس والقمر والنجوم، ونحو ذلك من آيات السماوات، وكالجبال والبحار والنبات والأشجار، وغير ذلك من آياتِ الأَرضِ. ﴿يَمُرُّونَ عَلَيْهَا﴾. يقولُ: يُعاينونها، فيمرُّون بها معرضين عنها، لا يعتبرون بها، ولا


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "إن".