للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَغَيَّرون عن تلك السنِّ.

وذُكر عن العربِ أنَّها تقولُ للرجلِ إذا كَبِر وثَبَت (١) سوادُ شَعْرِه: إنه لمُخْلِدٌ. وكذلك إذا كَبِر وثَبَتَتْ (٢) أضراسُه وأسنانُه، قيل: إنه لمُخْلِدٌ (٣). يرادُ به أنه ثابتُ الحالِ، وهذا تصحيحٌ لِما قال قتادةُ من أن معناه: لا يموتون (٤)؛ لأنهم إذا ثَبَتُوا على حالٍ واحدةٍ، فلم يَتَغَيَّروا بهَرَمٍ ولا شَيْبٍ ولا موتٍ، فهم مُخَلَّدون. وقيل: إنَّ معنى قولِه: ﴿مُخَلَّدُونَ﴾: مُسَوَّرون، بلغةِ حِمْيَرَ، ويُنْشَدُ لبعضِ شعرائِهم (٥):

ومُخَلَّداتِ باللُّجَينِ كأَنما … أَعْجَازُهُنَّ أَقَاوِرُ الكُثْبانِ

وقولُه: ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إذا رأيت يا محمدٌ هؤلاء الولدانَ مجتمعين أو مفترقين، تحسبُهم في حُسْنِهم، ونقاءِ بياضِ وجُوهِهم، وكثرتِهم، لُؤْلُؤًا مبدَّدًا، أو مجتمعًا مصبوبًا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنٌ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا﴾. قال: من كثرتِهم وحُسْنِهم (٦).


(١) في ت ٢، ت ٣: "نبت".
(٢) تصحفت في معاني القرآن إلى: "نبتت".
(٣) يقال للرجل إذا لم تسقط أسنانه من الهرم: إنه لمُخْلِد. التاج (خ ل د)
(٤) في ص، ت ٢، ت ٣: "يموتوا".
(٥) البيت في اللسان (خلد، قوز)، وأقاوز: جمع قوز وهو الصغير المستدير من الرمل، تشبه به أرداف النساء. اللسان (ق و ز).
(٦) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٣٨ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٠١ إلى عبد بن حميد.