فالأوّلَ، فإن لم يَجِدْ من ذلك شيئًا، فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ متتابعاتٍ (١).
وقال آخرون: جائزٌ لمن صامهن أن يَصُومهن كيف شاء، مُجتمِعاتٍ ومُفْترِقاتٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا أَشْهَبُ، قال: قال مالكٌ: كلُّ ما ذكَر اللهُ في القرآنِ مِن الصيامِ، فأن يُصامَ تباعًا أَعْجَبُ، فإن فرَّقها رَجَوْتُ أَن تُجْزِئَ عنه.
والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن يقالَ: إن الله تعالى أوجَب على من لَزِمَتْه كفارةٌ في يمينٍ إذا لم يجِدْ إلى تكفيرِها بالإطعامِ أو الكِسْوةِ أو العتقِ سبيلًا، أن يُكَفِّرَها بصيامِ ثلاثةِ أيامٍ، ولم يَشْرِطْ في ذلك مُتتابعةً، فكيفما صامهن المُكَفِّرُ، مفرّقةً ومُتتابِعةً، أجْزأه؛ لأن الله تعالى إنما أوجب عليه صيامَ ثلاثةِ أيامٍ، فكيفما أتَى بصومِهن أجْزَأ.
فأما ما رُوِيَ عن أُبيٍّ وابنِ مسعودٍ من قراءتِهما:(فصِيامُ ثلاثةِ أيامٍ مُتَتابِعاتٍ) أفذلك خلافُ ما في مصاحفِنا، وغيرُ جائزٍ لنا أن نَشْهدَ بشيءٍ ليس في مصاحفِنا مِن الكلامِ أنه مِن كتابِ اللهِ، غيرَ أنِّى أختارُ للصائمِ في كفَّارِةِ اليمينِ أن يُتابعَ بينَ الأيامِ الثلاثةِ ولا يُفَرِّقَ؛ لأنه لا خلافَ بينَ الجميعِ أنه إذا فعَل ذلك فقد أجزَأ ذلك عنه مِن كفَّارتِه، وهم في غيرِ ذلك مُخْتلِفون، ففِعْلُ ما لا يُخْتَلَفُ في جوازِه أحبُّ إليَّ، وإن كان الآخرُ جائزًا.