للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مِثْلُهَا﴾ إنما هي من ذكرِ ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ. فذكَر نحوَه (١).

وهذا قولٌ لا وجهَ له؛ لأن ﴿الْعِمَادِ﴾ واحدٌ مذكرٌ، و ﴿الَّتِي﴾ للأنثى، ولا يوصفُ المذكرُ بالتي، ولو كان ذلك من صفة ﴿الْعِمَادِ﴾ لقيل: الذي لم يُخْلقْ مثلُه في البلادِ. وإن جُعِلت ﴿الَّتِي﴾ لإرمَ، وجُعِلت الهاءُ عائدةً في قولِه: ﴿مِثْلُهَا﴾ عليها، وقيل: هي دمشقُ أو الإسكندريةُ. فإنَّ بلادَ عادٍ هي التي وصَفها الله في كتابِه فقال: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾ [الأحقاف: ٢١].

والأحقافُ هي جمعُ حِقْفٍ، وهو ما انعطَف من الرمل وانحنى. وليست الإسكندرية ولا دمشق من بلادِ الرمال، بل ذلك الشِّحْرُ (٢) من بلادِ حضرَموتَ وما والاها.

وقولُه: ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾. يقولُ: وثمودَ الذي خرَقوا الصخرَ ودخَلوه، فاتَّخذوه بيوتًا. كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾ [الحجر: ٨٢]. والعربُ تقولُ: جابَ فلانٌ الفلاةَ يَجُوبُها جَوْبًا. إذا دخَلها وقطَعها، ومنه قولُ نابغةِ بني جعدةَ (٣):


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٤١٧.
(٢) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الشجر". والشِّحر: الشَّطُّ، وهو صقع على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن. قال الأصمعي: هو بين عَدَن وعُمَان. وهناك عدة مدن يتناولها هذا الاسم. معجم البلدان ٣/ ٢٦٣.
(٣) البيت في الأغانى ٥/ ٢٨، والنهاية ٣/ ١٨٣، واللسان (عثمثم).