للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. أما الحياةُ الدنيا، فيثبتُهم بالخيرِ والعملِ الصالحِ، وقولُه: ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾: أي في القبرِ (١).

والصوابُ من القولِ في ذلك ما ثبَت به الخبرُ عن رسولِ اللهِ في ذلكِ، وهو أن معناه: يثبِّتُ اللهُ الذين آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدنيا، وذلك تثبيتُه إياهم في الحياة الدنيا بالإيمانِ باللهِ وبرسولِه محمدٍ ، ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ بمثلِ الذي ثبَّتهم به في الحياةِ الدنيا، وذلك في قبورِهم حين يُسأَلون عن الذي هم عليه من التوحيدِ والإيمانِ برسولِه .

وأما قولُه: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾. فإنه يعني أن الله لا يوفِّقُ المنافقَ والكافرَ في الحياةِ الدنيا، وفي الآخرةِ عند المسألةِ في القبرِ، لِما هدَى له المؤمنَ من الإيمانِ باللهِ ورسولِه .

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك، قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: أما الكافرُ فتنزلُ (٢) الملائكةُ إذا حضَره الموتُ، فيبسُطون أيديَهم - والبسطُ هو الضربُ - يضربون وجوهَهم وأدبارَهم عند الموتِ، فإذا أُدخِل قبرَه أُقعِد، فقيل له: مَنْ ربُّك؟ فلم يُرْجِعْ إليهم شيئًا، وأنساه اللهُ ذكرَ ذلك، وإذا قيل له: مَن الرسولُ الذي بُعِث إليك؟ لم يهتدِ له، ولم يُرجِعْ إليهم (٣) شيئًا، يقولُ اللهُ:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في ص، ت ١، ف: "فتقول". وفي ت ٢: "فيقول".
(٣) في النسخ: "إليه". والمثبت من مصدرى التخريج.