للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما (١) يكون زاجرًا (٢) لهم، ثم لا ينزَجِرون ولا يتَّعِظون؟

القول في تأويل قوله: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)﴾.

يقول تعالى ذكره: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ﴾ من القرآنِ، فيها عَيْبُ هؤلاء المنافقين الذين وَصَفَ جلّ ثناؤُه صِفتهم في هذه السورة، وهم عند رسول الله ، ﴿نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ فتناظروا: ﴿هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ إِن تَكَلَّمْتم أو تَناجَيْتم بمعايب القوم يُخْبِرُهم (٣) به. ثم قاموا فانْصَرَفوا من عندِ رسولِ اللهِ ، ولم يَسْتَمِعوا قراءته (٤) السورة التي فيها معايبُهم.

ثم ابتدأ جلّ ثناؤه قوله: ﴿صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾. فقال: صَرَفَ اللهُ عن الخير والتوفيق والإيمان بالله ورسوله قلوب هؤلاء المنافقين، ذلك ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾. يقولُ: فَعَلَ اللهُ بهم هذا الخذلانَ، وصَرَفَ قلوبهم عن الخيراتِ؛ مِن أجلِ أنهم قومٌ لا يفقهون عن اللهِ مواعظَه، استكبارًا ونفاقًا.

واختلف أهل العربية في الجالب حرف الاستفهام؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرة: قال: ﴿نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾. كأنه قال: قال بعضُهم لبعضٍ؛ لأن نَظَرَهم في هذا المكان كان إيماءً [أو شَبيهًا] (٥) به، واللهُ أَعلم.


(١) في الأصل: "ما".
(٢) في الأصل: "زجرا".
(٣) في الأصل: "يختبرهم".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "قراءة".
(٥) في ص، س، ف: "وشبيها"، وفى م، ت ١، ت ٢: "وتنبيها".