للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تصيرون أحياءً، فتُجْزَون بما كنتم في الدنيا تعملون؟

وقد اختلفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأه بعضُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ والكوفةِ: ﴿لَا تُرْجَعُونَ﴾ بضمِّ التاءِ (١)، بمعنى: لا تُردُّون وقالوا: إنما هو من مَرْجِعِ الآخرةِ، لا من رجوعِ إلى الدنيا.

وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ: (لا تُرْجعون) (٢). وقالوا: سواءٌ في ذلك مرجعُ الآخرةِ والرجوعُ إلى الدنيا.

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أنْ يقالَ: إنهما قراءتان متقاربتا المعنى؛ لأنَّ من ردَّه اللهُ إلى الآخرةِ من الدنيا بعدَ فنائِه، فقد رَجَعَ إليها، وأنَّ من رجَع إليها، فيردِّ اللهِ إياه إليها رجَع. وهما مع ذلك قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من القرأةِ، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ.

وبنحو الذي قلنا في معنى قولِه: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَنْ قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾. قال: باطلًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فتعالى اللهُ الملكُ الحقُّ عمَّا يصِفُه به هؤلاء المشركون، مِن


(١) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم. التيسير ص ١٣٠.
(٢) هي قراءة حمزة والكسائي. المصدر السابق.