للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: ومن الأعرابِ من يُصدِّقُ الله، ويُقِرُّ بوحدانيتِه وبالبعثِ بعدَ الموتِ، والثوابِ والعقابِ، وينوِى ما (١) يُنفِقُ من نفقةٍ في جهادِ المشركين، وفي سفرِه مع رسولِ اللهِ ﴿قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ﴾، والقرباتُ جمعُ قُربةٍ، وهو ما قَرَّبَه من رضا اللهِ ومحبتِه، ﴿وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾. يعنى بذلك: ويبتغى بنفقةِ ما يُنفقُ، مع طلبِ قربتِه من اللهِ، دعاءَ الرسولِ واستغفارَه له.

وقد دلَّلنا فيما مضى من كتابِنا، على أن من معاني الصلاةِ الدعاءَ، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني المُثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾. يعني: استغفارَ النبيِّ (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ﴾. قال: دعاءَ الرسولِ. قال: هذه ثَنِيَّةُ اللهِ من الأعرابِ (٤).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن


(١) في م: "بما".
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٤٨.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٦٧ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٩ إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(٤) الثَنيَّة: ما استثنى. اللسان ث ن ي.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٦٧ من طريق يزيد به مختصرًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٩ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.