للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا؛ وذلك كقارونَ الذي قال حينَ وُعِظ: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨]. فخسَف اللهُ به وبدارِه الأرضَ، ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص: ٨١]. يقولُ اللهُ جلَّ ثناؤه: ﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ﴾. يقولُ لنبيِّه محمدٍ : والذين كفَروا باللهِ يا محمدُ من قومِك، وظلَموا أنفسَهم وقالوا هذه المقالةَ، ﴿سَيُصِيبُهُمْ﴾ أيضًا وبالُ سيئاتِ ما كسَبوا، كما أصاب الذين من قبلهم بقيلِهموها، ﴿وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾. يقولُ: وما يفُوتون ربَّهم، ولا يسبِقونه هربًا في الأرضِ من عذابِه إذا نزَل بهم، ولكنه يصيبُهم، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: ٦٢]، ففعَل اللهُ ذلك بهم، فأحلَّ بهم خِزْيَه في عاجلِ الدنيا، فقتَلهم بالسيفِ يومَ بدرٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، السديِّ: ﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾: الأممُ الماضيةُ، ﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ﴾. قال: من أُمةِ محمدٍ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أو لم يَعلَمْ يا محمدُ هؤلاء الذين كشَفْنا عنهم ضُرَّهم، فقالوا: إنما أوتيناه على علمٍ منا. أن الشدَّةَ والرخاءَ والسَّعَةَ والضيقَ والبلاءَ بيدِ اللهِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣٠ إلى المصنف.