للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: وعَد اللهُ موسى -حينَ أهْلَك فرعونَ وقومَه، ونجَّاه وقومَه- ثلاثين ليلةً، ثم أتمَّها بعشرٍ، فتمَّ ميقاتُ ربِّه أربعين ليلةً، يَلْقاه (١) فيها بما (٢) شاء، واسْتَخْلَف موسى هارونَ على بنى إسرائيلَ، وقال: إنى مُتَعَجِّلٌ إلى ربى، فاخْلُفْنى في قومى، ولا تَتَّبِعْ سبيلَ المفسدين. فخرَج موسى إلى ربِّه مُتَعَجِّلًا للقائِه شوقًا إليه، وأقام هارونُ في بنى إسرائيلَ ومعه السامرىُّ، يَسِيرُ بهم على أَثَرِ موسى ليُلْحِقَهم به (٣).

حدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السُّدِّىِّ، قال: انْطَلَق موسى واسْتَخْلَف هارونَ على بنى إسرائيلَ، وواعَدَهم ثلاثين ليلةً، وأتَمّهَا اللهُ بعشرٍ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾.

قال أبو جعفرٍ: وتأويلُ قولِه: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾: ثم اتَّخَذْتُم في أيامِ مُواعَدَتى موسى العجلَ إلهًا مِن بعدِ أن فارَقَكم موسى مُتَوَجِّهًا إلىَّ للمَوْعِدِ. والهاءُ في قولِه: ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ عائدةٌ على ذكرِ موسى.

فأخْبَر جلَّ ثناؤُه المُخالِفِين نبينا محمدًا مِن يهودِ بنى إسرائيلَ المُكَذِّبين به، المخاطَبِين بهذه الآيةِ عن فِعلِ آبائِهم وأسلافِهم، وتَكْذيبِهم رُسُلَهم، وخلافِهم أنبياءَهم، مع تَتابُعِ نِعَمِه عليهم، وسُبوغِ (٥) آلائِه لديهم، مُعَرِّفَهم بذلك


(١) في م: "تلقاه ربه".
(٢) في ص: "ما".
(٣) ينظر تاريخ الطبرى ١/ ٤٢١، ٤٢٥. وما سيأتى في ص ٦٧١.
(٤) سيأتى بتمامه في ص ٦٧٠، ٦٧١.
(٥) في ص، ت ٣: "شيوع"، وفى ت ١، ت ٢: "وبسيوغ".