للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسَن بوالديه. إلا على استكراهٍ للكلامِ، ولكنِ القولُ فيه ما قلنا، وهو: وإذ أخذْنا ميثاقَ بني إسرائيلَ بكذا وبالوالدينِ إحسانًا. على ما بيَّنَّا قبلُ، فيكونُ "الإحسانُ" حينَئذٍ مصدرًا مِن معنى (١) الكلام لا مِن لفظِه، كما قد بَيَّنَّا فيما مضَى مِن نظائره (٢).

فإن قال قائلٌ: وما ذلك الإحسانُ الذى أخَذ عليهم بالوالدين الميثاقَ؟

قيل: نظيرُ ما فرَض اللهُ على أُمَّتِنا لهما مِن فعْلِ المعروفِ بهما، والقولِ الجميلِ، وخفْضِ جَناحِ الذُّلِّ رحمةً بهما، والتَّحَنُّنِ عليهما، والرأفةِ بهما، والدعاءِ بالخيرِ لهما، وما أشبهَ ذلك مِن الأفعالِ التى ندَبَ اللهُ جلَّ وعزَّ عبادَه أن يفعَلوا بهما.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ تناؤُه: ﴿وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَذِي الْقُرْبَى﴾: وبذى القُربى أن يصلُوا قرابتَه منهم ورحمَه.

والقُرْبَى" مصدرٌ على تقديرِ "فُعْلَى من قولِك: قرُبتْ منِّى رَحمُ فلانٍ قرابةً وقُرْبى [وقُربةً] (٣) وقُرْبًا. بمعنًى واحدٍ.

وأمَّا "اليتامى" فهو جمعُ يتيمٍ، مثلُ أسيرٍ وأَسارى، ويَدْخُلُ في اليتامى الذكورُ منهم وإلإناثُ.

فمَعنى ذلك: وإذ أخذْنا ميثاقَ بني إسرائيلَ بأن لا تعبُدوا إلَّا اللهَ وحدَه دونَ مَا (٤) سواه مِن الأندادِ، وبالوالدين إحسانًا، وبذى القُرْبَى، أن تَصِلوا رَحمَه، وتَعْرِفُوا حَقَّه، وباليتامى، أن تتَعَطَّفوا عليهم بالرحمةِ والرأفةِ، وبالمساكينِ؛ أن


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ١٣٧.
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "من".