للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾.

وهو تعليمٌ مِن اللهِ عبادَه المؤمنين دعاءَه؛ كيف يَدْعُونه، وما يقولون في دعائِهم إياه، ومعناه: قولوا: ربَّنا لا تُؤاخِذْنا إِن نَسِينا شيئًا فرَضْتَ علينا عملَه فلم نَعْمَلُه، أو أَخْطَأْنا في فعلِ شيءٍ نهيْتَنا عن فعلِه ففعَلْناه على غيرٍ قصدٍ منا إلى معصيتِك، ولكن على جَهالةٍ منا به وخطإٍ.

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾: إن نَسِينا شيئًا مما افْتَرَضْتَه علينا، أو أَخْطَأْنا شيئًا مما حَرَّمْتَه علينا.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أَخْبَرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عن قَتادةَ في قولِه: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾. قال: بلَغَنى أن النبيَّ قال: "إن الله تَجاوَز لهذه الأُمَّةِ عن نسيانِها وما حدَّثَت به أنفسَها" (١).

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسْباطُ، قال: زعَم السديُّ أن هذه الآيةَ حين نزَلَت: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾. قال له جبريلُ : فعل (٢) ذلك يا محمدُ (٣).

فإن قال لنا قائلٌ: وهل يَجوزُ أن يُؤاخِذَ اللهُ جلَّ ثناؤُه عبادَه بما نَسُوا أو أَخْطَئوا، فيَسْأَلُوه ألا يُؤاخِذَهم بذلك؟


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١١٢ والحديث أصله في البخارى (٢٥٢٨، ٥٢٦٩، ٦٦٦٤)، ومسلم (١٢٧) من حديث أبي هريرة.
(٢) في م: "فقل".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٧ إلى المصنف.