للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما السبيلُ في هذا الموضعِ فالحُجَّةُ، كما حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ في قولِه: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾. قال: حُجَّةً (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)﴾.

قد دلَّلنا فيما مضَى قبلُ على معنى خداعِ المنافقِ ربُّه، ووجهِ خِداعِ اللهِ إياهم، بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ، واختلافِ المختلفين في ذلك (٢).

فتأويلُ ذلك: إن المنافقين يُخادِعون الله بإحرازِهم بنفاقِهم دماءَهم وأموالَهم، واللهُ خادعُهم بما حكَم فيهم مِن منعِ دمائِهم بما أظهَروا بألسنتهِم مِن الإيمانِ، مع علمِه بباطنِ ضمائرِهم، واعتقادِهم الكفرَ، استدراجًا منه لهم في الدنيا، حتى يَلْقَوه في الآخرةِ، فيُورِدُهم بما استَبطَنوا مِن الكفرِ نارِ جهنمَ.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾. قال: يُعْطِيهم يومَ القيامةِ نورًا يمشون فيه مع المسلمين، كما كانوا معهم في الدنيا، ثم يَسْلُبُهم ذلك النورَ فيُطْفِئُه، فيَقومون في ظُلْمتِهم، ويُضرَبُ بينَهم بالسُّورِ (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، قال: قال ابن جُرَيجٍ: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾. قال: نَزَلَت في عبدِ اللَّهِ بن أُبَيٍّ،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٩٥، ١٠٩٧ (٦١٣٦، ٦١٥٠) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٢) تقدم في ١/ ٢٧٩ - ٢٨٥.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٩٥ (٦١٣٧) مِن طريق أحمد بن مفضل به.