للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبي عامرِ بن النُّعْمانِ، وفى المنافقين: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾. قال: مثلَ قوله في البقرةِ: (يُخَدِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يُخادعون (١) إِلَّا أَنفُسَهُم) [البقرة: ٩]. قال: وأما قولُه: ﴿وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾. فيقولُ: في النورِ الذي يُعْطَى المنافقون مع المؤمنين، فَيُعْطُون النورَ، فإذا بَلَغوا السورَ (٢)، و [ما ذكَر اللهُ مِن قولِه] (٣): ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ [الحديد: ١٣]. قال: قولُه: ﴿وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ (٤).

حدَّثنا ابن وَكِيعٍ، قال: ثنا يزيدُ بن هارونَ، عن سُفيانَ بن حُسَينٍ، عن الحسنِ، أنه كان إذا قرَأ: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾. قال: يُلْقَى على كلِّ مؤمنٍ ومُنافقٍ نورٌ يَمْشون به، حتى إذا انتَهَوا إلى الصراطِ، طُفِيء نورُ المنافقين، ومضَى المؤمنون بنورِهم، فيُنادُونهم: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحديد: ١٣، ١٤]. قال الحسنُ: فتلك خَدِيعَةُ اللَّهِ إياهم (٥).

وأما قولُه: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ﴾، فإنه يعنى: أن المنافقين لا يعمَلون شيئًا مِن الأعمالِ التي فَرَضها اللهُ على المؤمنين على وَجْهِ التَّقَرُّبِ بها إلى اللهِ؛ لأنهم غيرُ موقنين بمعادٍ، ولا ثوابٍ ولا عقابٍ، وإنما يَعْمَلون ما عَمِلُوا مِن الأعمالِ الظاهرةِ إبقاءً على أنفسِهم، وحِذارًا


(١) كذا في النسخ، وهى قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو، وقرَأ الباقون ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ﴾. ينظر السبعة في القراءات ص ١٣٩، وحجة القراءات ص ٨٧، وينظر ما تقدم في ١/ ٢٨٥.
(٢) بعده في م: "سلب".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وما ذكر منه".
(٤) ذكر السيوطي بعضه في الدر المنثور ٢/ ٢٣٥ وعزاه إلى المصنف، وينظر التبيان ٣/ ٣٦٥.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٩٥ (٦١٣٨) من طريق يزيد بن هارون به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٥ إلى المنذر.