للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال بعضُهم: السَّواءُ في هذا الموضعِ المَهَلُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليُّ بنُ سهلٍ، قال: ثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، قال: إنه مما تبَيَّن لنا أن قولَه: ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾. أنه على مَهَلٍ؛ كما حدَّثنا بكيرٌ، عن مُقاتِلِ بن حَيَّانَ في قولِ اللَّهِ: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [التوبة: ١، ٢].

وأما أهلُ العلمِ بكلامِ العربِ، فإنهم في معناه مُخْتَلِفون، فكان بعضُهم يقولُ: معناه: فانْبِذْ إليهم على عَدْلٍ. يعنى: حتى يَعْتَدِلَ علمُك وعلمُهم بما عليه بعضُكم لبعضٍ مِن المحاربةِ، واسْتَشْهَدوا لقولِهم ذلك بقولِ الراجزِ (١):

واضْرِبْ وُجوهَ الغُدُرِ الأعْداءِ

حتى يُجِيبُوك إلى السَّواءِ

يعني: إلى العدلِ.

وكان آخرون يقولون: معناه الوسَطُ. مِن قول حسَّانَ (٢):

يا وَيْحَ أنصارِ الرسولِ ورَهْطِه … بعدَ المغيَّبِ في سَواءِ المُلْحَدِ

بمعنى: في وسَطِ المُلْحَدِ (٣).

وكذلك هذه المعانى مُتَقارِبةٌ؛ لأن العَدْلَ وسَطٌ لا يَعْلُو فوق الحقِّ،


(١) التبيان ٥/ ١٤٥.
(٢) تقدم في ٢/ ٤١٦.
(٣) في م: "اللحد".