للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: خالق السماوات والأرضِ. ﴿يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مَّن ذُنُوبِكُمْ﴾. يقولُ: يَدْعُوكم إلى توحيده وطاعته، ﴿لِيَغْفِرَ لَكُم مَّن ذُنُوبِكُمْ﴾. يقولُ: فيستر عليكم بعض ذنوبكم بالعفو عنها، فلا يُعاقبكم عليها، ﴿ويُؤَخِّرَكُمْ﴾. يقول: ويُنسى في آجالكم، فلا يُعاقبكم في العاجل فيُهلككم، ولكن يؤخرُكم إلى الوقت الذي كتب في أم الكتاب أنه يَقْبِضُكم فيه. وهو الأجلُ الذي سمَّى لكم، فقالت الأممُ لهم: ﴿إِنْ أَنتُمْ﴾ أيُّها القومُ ﴿إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا﴾ في الصورة والهيئةِ، ولستم ملائكةً، وإنما تُريدون بقولكم هذا الذي تقُولون لنا ﴿أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾. يقولُ: إنما تُريدون أن تَصْرِفونا بقولكم عن عبادة ما كان يعبده من الأوثانِ آباؤنا، ﴿فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. يقولُ: فَأْتُونا بحجةٍ على ما تقولون، تُبَيِّنُ لنا حقيقتَه وصحته، فنَعْلَمَ أنكم فيما تقولون مُحِقُّون.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)﴾.

يقول تعالى ذكره: [قالت الرسلُ التي أتتهم لهم] (١): ﴿إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾، صدَقتم في قولكم: ﴿إنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا﴾ [إبراهيم: ١٠]. فما: نحن إلا بشرٌ مِن بنى آدم، إنسٌ مثلُكم، ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾. يقولُ: ولكنّ اللَّهَ يتفَضَّلُ على من يشاءُ من خلقه، فيهدِيه ويوفِّقُه


(١) في ص، ت ٢، ف: "قالت الأمم التي أتتهم الرسل رسلهم"، وفى م: "قال الأمم التي أتتهم الرسل لرسلهم".