هي في مَصاحفِنا مَصاحِفِ أهلِ المشرقِ، بالواوِ، وبرفعِ ﴿يَقُولُ﴾ على الابْتِداءِ.
فتأويلُ الكلامِ إذ كان القراءةُ عندَنا على ما وصَفْنا: فيُصْبِحوا على ما أسَرُّوا في أنفسِهم نادمين، ويقولُ المؤمنون: أهؤلاء الذين حلَفوا لنا باللَّهِ جَهْدَ (١) أيْمانهم كَذِبًا إنهم لمعنا؟
يقولُ اللَّهُ تعالى ذكرُه مُخْبِرًا عن حالِهم عندَه بنِفاقِهم، وخُبْثِ أعمالِهم: ﴿حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾. يقولُ: ذهَبَت أعمالهم التي عمِلوها في الدنيا باطلًا لا ثَوابَ لها ولا أجرَ؛ لأنهم عمِلوها على غيرِ يَقينٍ منهم بأنها عليهم للَّهِ فرضٌ واجبٌ، ولا على صحةِ إيمانٍ باللَّهِ ورسولِه، وإنما كانوا يَعْمَلونها ليَدْفَعوا المؤمنين بها عن أنفسِهم وأموالِهم وذَراريِّهم، فأَحْبَط اللَّهُ أَجْرَها، إذ لم تَكُنْ له. ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾. يقولُ: فأصْبَح هؤلاء المنافقون عندَ مَجِيءِ أمْرِ اللَّهِ بإدالةِ المؤمنين على أهلِ الكفرِ قد وُكِسوا في شرائِهم الدنيا بالآخرةِ، وخابَت صَفْقتُهم وهلَكوا.
يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين باللَّهِ وبرسوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. أَي: صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، وأَقَرُّوا بما جاءَهم به نبيُّهم محمدٌّ ﷺ، ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾. يقولُ: مَن يَرْجِعْ منكم عن دينِه الحقِّ الذي هو عليه اليومَ، فيُبَدِّله ويُغَيِّرْه بدخولِه في الكفرِ، إما في اليهوديةِ أو النصرانيةِ أو غيرِ ذلك مِن صنوفِ الكفرِ، فلن يَضُرَّ اللَّهَ شيئًا، وسيَأْتِى اللَّهُ بقومٍ يُحِبُّهم ويُحِبُّونه. يقولُ: فسوف يَجِيءُ اللَّهُ بدلًا منهم، المؤمنين الذين لم يُبَدِّلوا ولم يُغَيِّروا ولم يَرْتَدُّوا، بقومٍ خيرٍ مِن الذين ارْتَدُّوا