للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موضعِها، وعَصَوُا الله في أمرِه.

وقيل: إن ذلك نَزَل نَهْيًا مِن اللهِ المؤمنين عن مُوالاةِ أقربائِهم الذين لم يُهاجِروا مِن أرضِ الشِّرْكِ إلى دارِ الإسلامِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾. قال: أُمِروا بالهجرةِ، فقال العباسُ بنُ عبدِ المُطَّلبِ: أَنا أَسْقِى الحاجَّ. وقال طلحةُ أخو بني عبدِ الدارِ: أنا صاحِبُ الكعبة فلا نُهاجرُ. فَأُنزِلَت: ﴿لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ إلى قولِه: ﴿يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾: بالفتحِ، في أمرِه إِيَّاهم بالهجرةِ، هذا كلُّه قبلَ فتحِ مكةَ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٢٤)﴾.

يقولُ لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ، للمُتَخَلِّفين عن الهجرةِ إلى دارِ الإسلامِ، المُقيمين بدارِ الشِّرْكِ: إن كان المُقامُ مع آبائِكم وأبنائِكم وإخوانِكم وأزواجِكم وعَشِيرتِكم، وكانت ﴿أَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾. يقولُ: اكتسبتُموها، ﴿وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا﴾، بفِراقِكم بلدَكم، ﴿وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا﴾ فسَكَنتُموها - ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ﴾ مِن الهجرةِ إلى اللهِ ورسولِه، مِن دارِ الشِّرْكِ،


(١) تفسير مجاهد ص ٣٦٥، ٣٦٦، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٦٨، ١٧٧٠.