للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ يا محمدُ، وهو هذا القرآنُ الذي أنْزَله اللهُ عليه، ﴿هُوَ الْحَقُّ﴾. يقولُ: هو الحقُّ، عليك وعلى أمتِك أن تَعْمَلَ به، وتَتَّبعَ ما فيه دونَ غيِره مِن الكتبِ التي أُوحِيَت إلى غيرِك، ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. يقولُ: هو يُصَدِّقُ ما مضَى بين يديْه فصار أمامَه، من الكتبِ التي أنْزَلْتُها إلى مَن قبلَك مِن الرسلِ.

كما حدَّثنا بشرٌ قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. للكتبِ التي خلَتْ قبلَه (١).

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله بعبادِه لَذو علمٍ وخبرةٍ بما يَعْمَلون، بصيرٌ بما يُصْلِحُهم مِن التدبيرِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى الكتابِ الذي ذكَر اللهُ في هذه الآيةِ أنه أَوْرَثه الذين اصْطَفاهم مِن عبادِه، ومَن المُصْطَفَوْنَ (٢) مِن عبادِه، والظالمُ لنفسِه؛ فقال بعضُهم: الكتابُ هو الكتبُ التي أنْزَلها اللهُ مِن قبلِ الفُرقانِ، والمصطَفَوْنَ مِن عبادِه أمةُ محمدٍ، والظالمُ لنفسِه أهلُ الإجرامِ منهم.


(١) تقدم في ٥/ ١٨١.
(٢) في الأصل، ت ١: "المصطفين".