للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبيلِ اللهِ بما فعلوا من ذلك.

وقرأته عامةُ قرأةِ أهلِ البصرةِ: (ليَضِلُّوا) (١). بمعنى: كي يَضِلَّ جاعِلو الأندادِ للهِ عن سبيلِ اللهِ.

وقولُه: ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّهِ محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهم: تمتَّعوا في الحياةِ الدنيا، وعيدًا من اللهِ لهم لا إباحةً لهم التمتعَ بها، ولا أمرًا على وجهِ العبادةِ، ولكنْ توبيخًا وتهدُّدًا ووعيدًا، وقد بيَّن ذلك بقولِه: ﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾. يقولُ: استمتِعوا في الحياةِ الدنيا، فإنها سريعةُ الزوالِ عنكم، وإلى النارِ تصيرون عن قريبٍ، فتعلَمون هنالك غِبَّ تمتُّعِكم في الدنيا بمعاصي اللهِ، وكفرِكم فيها به.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (٣١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّهِ محمدٍ : قل يا محمدُ لعبادىَ الذين آمَنوا بك، وصدّقوا أن ما جئتهم به من عندِي ﴿يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾. يقولُ: قُلْ لهم: فلْيُقيموا الصلواتِ (٢) الخمسَ المفروضةَ عليهم بحدودِها، ولْيُنْفِقوا مما رزَقناهم فخوّلْناهم من فضلِنا، ﴿سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾: فليُؤدّوا ما أوجبتُ عليهم من الحقوقِ فيها سرًّا وإعلانًا، ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ﴾. يقولُ: لا يُقبلُ فيه فديةٌ وعوضٌ من نفسٍ وجَب عليها عقابُ اللهِ، بما كان منها من معصيةِ ربِّها في الدنيا، فيقبلَ منها الفديةُ. وتُتركَ فلا تُعاقبَ. فسمَّى اللهُ جلّ ثناؤه الفديةَ عوضًا؛ إذ كان أَخْذَ عِوَضٍ (٣) من


(١) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو. ينظر حجة القراءات ص ٣٧٨.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الصلاة".
(٣) في ص: "عوضا".