للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى جلَّ ثناؤُه بذلك: فمَن كذب على اللهِ منَّا ومنكم، مِن بعدِ مجيئِكم بالتوراةِ، وتلاوتِكم إيَّاها، وعَدَمِكم ما ادَّعَيْتُم من تحريمِ اللهِ العروقَ ولحومَ الإبلِ وألبانَها فيها، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ يعنى: فمن فعَل ذلك منهم ﴿فَأُولَئِكَ﴾. يعنى: فهؤلاء الذين يَفعلون ذلك ﴿هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. يعنى: فهم الكافرون القائلون على اللهِ الباطلَ.

كما حدثنا المُثَنَّى، قال: ثنا عمرُو بنُ عونٍ، قال: ثنا هُشيمٌ، عن زكريا، عن الشعْبيِّ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. قال: نَزَلَتْ في اليهودِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: قل يا محمدُ: صدَق اللهُ فيما أَخْبَرنا به من قولِه: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. وأن الله لم يُحرِّمْ على إسرائيلَ ولا على ولدِه العروقَ ولا لحومَ الإبلِ، وألبانَها وأن ذلك إنما كان شيئًا حرَّمه إسرائيلُ على نفسِه وولدِه بغيرِ تحريمِ اللهِ إيَّاه عليهم في التوراةِ، وفي كلِّ ما أَخْبَر به عبادَه من خبرٍ، دونَكم أنتم يا معشرَ اليهودِ الكَذَبةِ في إضافتِكم تحريمَ ذلك إلى اللهِ عليكم في التوراةِ، المفتريةِ على اللهِ الباطلَ في دعْوَاكم عليه غيرَ الحقَّ. ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾. يقولُ: فإن كنتم أيُّها اليهودُ محقِّين في دعْوَاكم أنكم على الدينِ الذي ارْتَضاه اللهُ لأنبيائِه ورسلِه، فاتبعُوا ملةَ إبراهيمَ خليلِ اللهِ، فإنكم تعلَمون أنه الحقُّ الذي ارْتَضاه اللهُ من خلقِه دينًا، وابْتَعَث به أنبياءَه، وذلك الحنيفيَّةُ، يعني: الاستقامةَ على الإسلامِ وشرائعِه، دونَ اليهوديةِ والنصرانيةِ والمُشْرِكةِ.