للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولهِ ﷿: ﴿فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٣٨)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿فَذُوقُوا﴾ عذابَ نارِ جهنمَ الذي قد صَلِيتُموه أيُّها الكافرون باللَّهِ، ﴿فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾. يقولُ: فما للكافرين الذين ظلَموا أنفسَهم، فأَكْسَبُوها غضبَ اللهِ بكفرِهم باللهِ في الدنيا، من نصيرٍ يَنْصُرُهم اليومَ مِن اللَّهِ فيَسْتنقِذُهم مِن عقابِه.

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله عالمُ ما تُخْفُون أيُّها الناسُ في أنفسِكم وتُضْمِرونه، وما لم تُضْمِروه ولم تَنْوُوه مما ستَنْؤونه، وما هو غائبٌ عن أبصارِكم في السماواتِ والأرضِ، فاتَّقُوه أن يَطَّلِعَ عليكم وأنتم تُضْمِرون في أنفسِكم مِن الشكِّ في وَحْدانيةِ اللهِ، أو في نبوةِ محمدٍ، غيرَ الذي تُبْدونه بألسنتِكم، فإنَّه عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدُورِ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (٣٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: [اللهُ الذي جعَلكم أيُّها الناسُ خَلائِفَ] (١) في الأرضِ مِن بعدِ عادٍ وثمودَ، ومَن مضَى قبلَكم مِن الأممِ، فجعَلكم تَخْلُفونهم في ديارِهم ومساكنِهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿هُوَ الَّذِى


(١) في الأصل: "الذي خلقكم أيها الناس وجعلكم خلائف".