للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَبْرٍ. كأنهم وجَّهوا تأويلَه: وآتينا داودَ كتبًا وصحفًا مَزبورةً. من قولِهم: زَبَرْتُ الكتابَ أَزْبُرُه زَبُرًا، وزَبَرْتُه أَزْبِرُه زَبْرًا: إذا كتبتَه.

وأَوْلَى القراءتين فى ذلك بالصوابِ عندَنا قراءةُ مَن قرأ: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾. بفتح الزاىِ على أنه اسمُ الكتابِ الذى أُوتيَه داودُ، كما سُمِّى الكتابُ الذى أُوتيَه موسى التوراةَ، والذى أُوتيَه عيسى الإنجيلَ، والذي أُوتيَه محمدٌ الفرقانَ؛ لأن ذلك هو الاسمُ المعروفُ به ما أُوتىَ داودُ. إنما تقولُ العربُ: زَبورُ داودَ. بذلك يعرِفُ كتابَه سائرُ الأممِ.

القولُ فى تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ، : يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: إنا أَوْحَينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ وإلى رسلٍ قد قصَصناهم عليك، ورسلٍ (١) لم نقصُصْهم عليك.

فلعل قائلاً أن يقولَ: فإذا كان ذلك معناه، فما بالُ قولِه: ﴿وَرُسُلًا﴾. منصوبًا غيرَ (٢) مخفوضٍ؟ قيل: نُصِب ذلك إذ لم يَعُدْ عليه "إلى" التى خفَضت الأسماءَ قبلَه، وكانت الأسماءُ قبلَه (٣) وإن كانت مخفوضةً، فإنها فى معنى النصبِ؛ لأن معنى الكلامِ: إنا أرسلناك رسولاً كما أرسلنا نوحًا والنبيِّين من بعدِه. فعُطِفت الرسلُ على معنى الأسماءِ قبلَها فى الإعرابِ؛ لانقطاعِها عنها دونَ


(١) فى الأصل، س: "ورسلا".
(٢) فى الأصل: "على".
(٣) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قبلها".