للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُؤْمِنون [فلا يؤمنون] (١)، باللهِ، ولا يصدِّقون رسولَه.

القول في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩)

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: إنا جعَلنا أَيْمانَ هؤلاء الكفارِ مغلولةً إلى أعناقِهم بالأغلالِ، فلا تَنْبسِطُ (٢) بشيءٍ من الخيراتِ. وهي في قراءةِ عبد اللهِ فيما ذُكِر: (إنا جعَلنا في أيمانِهم أغلالًا فهى إلى الأذقانِ) (٣).

وقولُه: ﴿فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ﴾. يعنى: فأيمانهم مجموعةٌ بالأغلال في أعناقِهم، فكنَّى عن الأيمانِ، ولم يجرِ لها ذكرٌ؛ لمعرفةِ السامعين بمعنى الكلامِ، وأن الأغلالَ إذا كانت في الأعناقِ لم تكنْ إلَّا وأَيْمُنُ (٤) أيدى المغلولين مجموعةٌ بها إليها، فاسْتُغنىَ بذكرِ كونِ الأغلالِ في الأعناقِ من ذكرِ الأيمانِ، كما قال الشاعرُ (٥):

وما أَدْرى إذا يمَّمتُ وجهًا … أريدُ الخيرَ أيُّهما يَلِيني

أَأَلْخيرُ الذي أنا أبْتَغِيهِ … أمِ الشرُّ الذي لا يَأْتليني

فكنَّى عن الشرِّ، وإنما ذكّر الخيرَ وحدَه؛ لعلم سامعِ ذلك بمعنى قائلِه، إذ كان الشرُّ مع الخيرِ يُذْكَرُ. والأذقانُ: جمعُ ذَقَنٍ، والذَّقَنُ: مجمعُ اللَّحْيَين.

وقوله: ﴿فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾. والمُقْمَحُ: هو المُقْنِعُ، وهو أن يَحْدُرَ (٦) الذقنَ


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في م، ت ١: "تبسط".
(٣) وهى قراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف. ينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٧٣.
(٤) سقط من: م، ت ١.
(٥) هو المثقب العبدى والبيت في ديوانه، وقد تقدم تخريج البيت الأول في ١٤/ ٣٢٤.
(٦) حدر الشيء: أنزله من علو إلى سفل. الوسيط (ح د ر).