للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُشْبهِه (١) في عِظَم موقعِه - ممَّن أفْضَلَه (٢) عليه (٣) - إفضالُ خلقِه، ولا يُقارِبُه في جَلالةِ خَطَرِه ولا يُدانِيه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللهِ ﷿ أن مِن أهلِ الكتابِ - وهم اليهودُ مِن بني إسرائيلَ - أهلَ أمانةٍ يُؤَدُّونها ولا يَخُونُونها، ومنهم الخائنُ أمانتَه، الفاجرُ في يمينِه، المُسْتَحِلُّ.

فإن قال قائلٌ: وما وجهُ إخبارِ اللهِ ﷿ بذلك نبيَّه ، وقد علِمْتَ أن الناسَ لم يَزالُوا كذلك، منهم المُؤَدِّى أمانتَه والخائنُها؟

قِيل: إنما أراد جلّ وعزّ بإخبارِه المؤمنين خبرَهم - على ما بيَّنه في كتابِه بهذه الآياتِ - تحذيرَهم أن يَأْتَمِنوهم على أموالِهم، وتَخْويفَهم الاغْتِرارَ بهم؛ لاسْتِحْلالِ كثيرٍ منهم أموالَ المؤمنين.

فتأويلُ الكلامِ: ومن أهلِ الكتابِ الذي إن تَأْمَنْه يا محمدُ على عظيمٍ من المالِ كثيرٍ يُؤَدِّه إليك، ولا يَخُنْك فيه، ومنهم الذي إن تَأْمَنْه على دينارٍ يَخُنْك فيه، فلا يُؤَدِّه إليك إلا أن تُلِحَّ عليه بالتَّقاضِي والمطالبةِ.

والباءُ في قولِه: ﴿بِدِينَارٍ﴾. و "علَى" يَتَعاقَبان في هذا الموضِعِ، هذا كما يقالُ: مرَرْتُ به، ومرَرْتُ عليه.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾؛ فقال بعضُهم: إلا ما دُمْتَ له مُتَقاضيًا.


(١) في م: "مشبه".
(٢) في ت ١: "فضله".
(٣) بعده في ص، ت ٢، ت ٣: "من".