للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وركوبِ معاصِيه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٢)﴾.

يَعنى بقولِه جلّ ثناؤه: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾: فأَخْبِرْهم يا محمدُ، وأعلِمْهم أن لهم عندَ اللهِ عذابًا مُؤلِمًا لهم، وهو المُوجِعُ.

وأما قولُه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾. فإنه يَعنى بقولِه: ﴿أُولَئِكَ﴾: الذين يكفُرون بآياتِ اللهِ. ومعْنى ذلك: إنّ الذين ذكَرناهم هم الذين حَبِطَت أعمالُهم. يَعنى: بطَلت أعمالُهم في الدنيا والآخرةِ. فأما قولُه: ﴿فِي الدُّنْيَا﴾. فلم يَنالُوا بها مَحْمَدةً ولا ثناءً مِن الناسِ؛ لأنهم كانوا على ضَلالٍ وباطلٍ، ولم يَرْفَعِ اللهُ لهم بها ذِكْرًا، بل لعَنهم وهتَك أستارَهم (١)، وأبدَى ما كانوا يُخْفُون مِن قبائحِ أعمالِهم، على ألسُنِ أنبيائِه ورسلِه في كُتُبِه التي أنزَلها عليهم، فأبقَى لهم ما بقِيت الدنيا مَذَمَّةً، فذلك حُبوطُها في الدنيا. وأما في الآخرةِ؛ فإنه أعَدَّ لهم فيها مِن العقابِ ما وصَف في كتابِه، وأعلَم عبادَه أن أعمالَهم تصيرُ بُورًا لا ثوابَ لها؛ لأنها كانت كُفْرًا باللَّهِ، فَجَزاءُ أَهلِها الخلودُ في الجحيم.

وأما قولُه: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾. فإنه يَعنى: وما لهؤلاء القومِ مِن ناصِرٍ يَنْصُرُهم مِن اللهِ، إذا هو انتَقَم منهم بما سَلَف مِن إجْرامِهم واجترائِهم عليه، فيَسْتَنقِذَهم منه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى


(١) في س: "أسرارهم".