للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ: هذا حرفٌ اسْتُعمِل فكَثُرَ حتى حُذِف.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فلمَّا رأى ذو القرنين أنَّ يأجوجَ ومأجوجَ لا يَسْتطيعون أن يَظْهَروا ما بنَى من الرَّدم، ولا يَقْدِرون على نَقْبِه، قال: هذا الذي بنَيْتُه وسَوَّيْتُه حاجزًا بين هذة الأمةِ ومَن دونَ الردمِ - رحمةٌ من ربِّي، رحِمَ بها مَنْ دونَ الردمِ مِنَ الناسِ، فأعانني برحمتِه لهم حتى بنَيتُه وسوَّيْتُه؛ ليكفَّ بذلك غائلةَ هذه الأمةِ عنهم.

وقولُه: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾. يقولُ: فإذا جاء وَعْدُ رَبِّي الذي جعَله ميقاتًا لظهورِ هذه الأمةِ وخروجِها من وراءِ هذا الرَّدْمِ لهم، ﴿جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾. يقولُ: سوَّاه بالأرضِ فالزَقَه بها. من قولِهم: ناقةٌ دَكَّاءُ، مُسْتَوِيةُ الظَّهِرِ لا سَنامَ لها. وإنما معنى الكلامِ: جعَله مَدْكُوكًا، فقيل: ﴿دَكَّاءَ﴾.

وكان قتادةُ يقولُ في ذلك ما حدَّثنا بشرُ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾. قال: لا أدْرِى، الجبلين يعنى به، أو ما بينَهما؟ (١).

وذُكِر أن ذلك كائنٌ (٢) كذلك بعدَ قَتْلِ ابن مريمَ الدجالَ.


= ٣/ ١٠٤: المعنى: فما أطاعوا فزادوا السين - قال ذلك الخليل وسيبويه - عوضا عن ذهاب حركة الواو؛ لأن الأصل في "أطاع"، "أطوع".
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٥١ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) في ص، ت ١، ف: "كان"، وفى م: "يكون".