للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من نصبِه على المدح؛ لما قد ذكَرتُ قبلُ من قُبْحِ ردِّ الظاهرِ على المكنىِّ في الخفضِ.

وأما توجيهُ من وجَّةَ المقيمين إلى الإقامةِ، فإنه دَعْوَى لا برهانَ (١) عليها من دلالةِ ظاهرِ التنزيلِ، ولا خبرٍ تثبُتُ حجَّتُه، وغيرُ جائزٍ نقلُ ظاهرِ التنزيلِ إلى باطنٍ بغيرِ برهانٍ.

وأما قوله: ﴿وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. فإنه معطوفٌ على قولِه: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ﴾. وهو من صفتِهم، وتأويلُه: والذين يعطُون زكاةَ أموالِهم مَن جعَلها اللهُ له، وصرَفها إليه، ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. يعنى: والمصدِّقون بوحدانيةِ اللهِ وألوهتِه (٢)، وبالبعثِ بعدَ المماتِ، والثوابِ والعقابِ، ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. يقولُ: هؤلاء الذين هذه صفتُهم ﴿سَنُؤْتِيهِمْ﴾. يقولُ: سَنُعطيهم ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾. يعنى: جزاءً على ما كان منهم من طاعةِ اللهِ، واتِّباعِ أمرِه، وثوابًا عظيمًا وذلك الجنةُ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ، : يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾: إنا أَرْسَلنا إليك يا محمدُ بالنبوَّةِ كما أَرْسَلَنا إلى نوحٍ وإلى سائرِ الأنبياءِ الذين سمَّيتُهم لك مِن بعدِه، والذين لم أُسمّهم لك.

كما حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن مُنْذِرٍ الثورىِّ، عن


(١) بعده في ت ١: "له".
(٢) فى م: "ألوهيته".