بعدَ بلوغِه أجلَه فيُفْنِيه، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وهو على كلِّ شيءٍ ذو قدرةٍ، لا يَتَعَذَّرُ عليه شيءٌ أراده؛ من إحياءٍ وإماتةٍ، وإعزازٍ وإذلالٍ، وغيرِ ذلك مِن الأمورِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: هو الأولُ قبلَ كلِّ شيءٍ بغيرِ حدٍّ، ﴿وَالْآخِرُ﴾. يقولُ: والآخِرُ بعدَ كلِّ شيءٍ بغيرِ نهايةٍ. وإنما قيل ذلك كذلك؛ لأنه كان ولا شيءَ موجودٌ سواه، وهو كائنٌ بعدَ فناءِ الأشياءِ كلِّها، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨].
وقولُه: ﴿وَالظَّاهِرُ﴾. يقولُ: وهو الظاهرُ على كلِّ شيءٍ دونَه، وهو العالي فوق كلِّ شيءٍ، فلا شيءَ أعلى منه. ﴿وَالْبَاطِنُ﴾. يقولُ: وهو الباطنُ جميعَ الأشياءِ، فلا شيءَ أقربُ إلى شيءٍ منه، كما قال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦].
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك جاء الخبرُ عن رسول اللَّهِ ﷺ وقال به أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك والخبرُ الذي رُوِي فيه
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾: ذُكِر لنا أن نبيَّ اللَّهِ ﷺ بينَما هو جالسٌ في أصحابِه، إذ ثار عليهم سحابٌ، فقال: هل تَدْرُون ما هذا؟ ". قالوا: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ.