للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدَ بلوغِه أجلَه فيُفْنِيه، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وهو على كلِّ شيءٍ ذو قدرةٍ، لا يَتَعَذَّرُ عليه شيءٌ أراده؛ من إحياءٍ وإماتةٍ، وإعزازٍ وإذلالٍ، وغيرِ ذلك مِن الأمورِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هو الأولُ قبلَ كلِّ شيءٍ بغيرِ حدٍّ، ﴿وَالْآخِرُ﴾. يقولُ: والآخِرُ بعدَ كلِّ شيءٍ بغيرِ نهايةٍ. وإنما قيل ذلك كذلك؛ لأنه كان ولا شيءَ موجودٌ سواه، وهو كائنٌ بعدَ فناءِ الأشياءِ كلِّها، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨].

وقولُه: ﴿وَالظَّاهِرُ﴾. يقولُ: وهو الظاهرُ على كلِّ شيءٍ دونَه، وهو العالي فوق كلِّ شيءٍ، فلا شيءَ أعلى منه. ﴿وَالْبَاطِنُ﴾. يقولُ: وهو الباطنُ جميعَ الأشياءِ، فلا شيءَ أقربُ إلى شيءٍ منه، كما قال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦].

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك جاء الخبرُ عن رسول اللَّهِ وقال به أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك والخبرُ الذي رُوِي فيه

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾: ذُكِر لنا أن نبيَّ اللَّهِ بينَما هو جالسٌ في أصحابِه، إذ ثار عليهم سحابٌ، فقال: هل تَدْرُون ما هذا؟ ". قالوا: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ.