للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إيمانٍ بتوفيقِه مَن وَفَّقَه لذلك، ومِن حال إيمان إلى كُفْرٍ، بخِذْلانِه مَن خَذَلَ منهم عن طاعتِه وتوحيدِه، وغيرِ ذلك من أمْرِهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين الذين أمَرهم بقتالِ هؤلاء المشركين، الذين نَقَضُوا عهدَهم الذي بينَهم وبينَهم (١) بقوله: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾ الآية. حاضًّا على جهادِهم: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ أيُّها المؤمنون، أن يَترُكَكم اللهُ بغيرِ مِحْنةٍ يَمتحِنُكم بها، وبغيرِ اختبارٍ يَخْتَبِرُكم به؛ ليُعْرِفَ الصادقَ منكم في دينِه من الكاذبِ فيه، ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا﴾. يقولُ: أحَسِبتُم أن تُتْرَكوا بغيرِ اختبارٍ يَعْرفُ به أهلَ ولايتِه المجاهدين منكم في سبيله، مِن المُضَيِّعين أمرَ اللهِ في ذلك المُفَرِّطين، ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ﴾. يقولُ: ولمَّا يعلم اللهُ الذين آمنوا (٢) منكم، والذين لم يَتَّخِذوا مِن دونِ اللهِ ولا مِن دونِ رسولِه، ولا مِن دونِ المؤمنين ﴿وَلِيجَةً﴾: هو الشيءُ يَدْخُلُ في آخَرَ غيرِه، يقالُ منه: ولج [فلانٌ في] (٣) كذا يَلِجُه فهو وَليجةٌ.

وإنما عنَى بها في هذا الموضعِ البِطانةَ مِن المشركينَ. نَهَى اللهُ المؤمنين أن يَتَّخِذُوا من عدوِّهم من المشركين أولياءَ، يُفْشُون إليهم أسرارَهم، ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا


(١) في م: "بينه"، وت ١: "بين".
(٢) في م، ف: "جاهدوا". وينظر التبيان ٥/ ١٨٧.
(٣) في ص، ت ١، س، ف: "في فلان". وفي ت ٢: "فلان".