للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرٌ لَكُمْ﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ ﵀: يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾: [فصدِّقوا يا أهلَ الكتابِ بوحدانيةِ اللهِ وربوبيتِه، وأنه لا ولدَ له] (١)، وصدَّقوا رسلَه فيما جاءوكم به من عندِ اللهِ، وفيما أخبرتُكم به أن اللهَ واحدٌ لا شريكَ له، ولا صاحبةَ له، ولا ولدَ له، ﴿وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾. يعنى: ولا تقولوا: الأربابُ ثلاثةٌ.

ورُفِعت الثلاثةُ بمحذوفٍ دلّ عليه الظاهرُ، وهو هم، ومعنى الكلامِ: ولا تقولوا: هم ثلاثةٌ. وإنما جاز ذلك؛ لأن القولَ حكايةٌ، والعربُ تفعَلُ ذلك فى الحكايةِ، ومنه قولُ اللهِ جلَّ ثناؤه: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢]. وكذلك كلُّ ما ورَد من مرفوعٍ بعدَ القولِ لا رافعَ معه، ففيه إضمارُ اسمٍ رافعٍ لذلك الاسمِ.

ثم قال لهم جلَّ ثناؤُه متوعِّدًا لهم فى قولِهم العظيمِ الذي قالوه فى اللهِ جلَّ وعزّ: انْتَهُوا أيها القائلون: اللهُ ثالثُ ثلاثةٍ (٢). عما تقولون من الزورِ والشركِ باللهِ؛ فإن الانتهاءَ عن ذلك خيرٌ لكم من قيلِه؛ لما لكم عندَ اللهِ من العقابِ العاجلِ لكم على قيلِكم ذلك، إن أقمتم عليه ولم تُنِيبوا إلى الحقِّ الذي أمَرتُكم بالإنابةِ إليه، والآجلِ فى مَعادِكم.

القولُ فى تأويلِ قوله جلَّ ثناؤه: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) بعده فى الأصل: "تعالى الله".