للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ ذلك جماعةٌ من أهل الكوفة: (فيَحُلَّ عليكم) بضمِّ الحاءِ (١). ووجَّهوا تأويلَه إلى ما ذكَرْنا عن قتادةَ من أنه: فيَقَعَ ويَنْزِلَ عليكم غضبي.

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من القرأة، وقد حذَّر الله الذين قيل لهم هذا القولُ مِن بني إسرائيل وقوعَ بأسِه بهم ونزوله بمعصيتهم إياه إن هم عصَوْه، وخوَّفهم وجوبه لهم، فسواءٌ قُرى ذلك بالوقوع أو بالوجوب؛ لأنهم كانوا قد خُوِّفوا المعنيين كليهما.

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يَجِبْ عليه غضَبى فينزِلْ به، ﴿فَقَدْ هَوَى﴾.

يقولُ: فقد تردَّى فشَقى.

كما حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ الله، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿فَقَدْ هَوَى﴾. يقولُ: فقد شَقِى (٢).

وقولُه: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ﴾. يقولُ: وإني لذو عفوٍ (٣) لمن تاب من شركه فرجَعَ منه إلى الإيمان بي (٤)، ﴿وَآمَنَ﴾. يقولُ: وأَخْلَصَ لى الألُوهةَ ولم يشرِكْ في عبادتِه إِيَّايَ غَيْرِي، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾. يقولُ: وأَدَّى فَرائضِى التي افْتَرضتُها


(١) هي قراءة الكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٤٢٢.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٥٦ - من طريق عبد الله. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠٤ إلى ابن المنذر.
(٣) في م، ت ١، ف: "غفر".
(٤) سقط من: الأصل.