للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شفعاءَ تشفعُ لهم عندَ اللهِ في حاجاتِهم؟!

وقولُه: ﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قل يا محمدُ لهم: أتتخِذون هذه الآلهةَ شفعاءَ كما تزعُمون، ولو كانوا لا يملِكُون لكم نفعًا ولا ضرًّا ولا يعقِلون شيئا؟! قل لهم: إن تكونوا تعبُدونها لذلك، وتشفَعُ لكم عندَ اللهِ، فأخلِصوا عبادتكم للهِ، وأفرِدوه بالألوهةِ؛ فإن الشفاعةَ جميعًا له، لا يشفَعُ عنده إلا مَن أذِن له، ورضِى له قولًا، وأنتم متى أخلَصتم له العبادةَ فدَعوتموه، شفَّعَكم. ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: للهِ سلطانُ السماواتِ والأرضِ ومُلكُها، وما تعبُدون أيُّها المشرِكون من دونِه مِلْكٌ له. يقولُ: فاعبُدوا المَلِكَ لا المملوكَ الذي لا يملِكُ شيئًا، ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾. يقولُ: ثم إلى الله مصيرُكم، وهو معاقِبُكم على إشراكِكم به إن مُتُّم على شركِكم.

ومعنى الكلامِ: للهِ الشفاعةُ جميعًا، له مُلكُ السماواتِ والأرضِ، فاعبُدوا المالكَ الذي له مُلكُ السماواتِ والأرضِ، الذي يقدِرُ على نفعِكم في الدنيا، وعلى ضرِّكم فيها، وعندَ مرجعِكم إليه بعدَ مماتِكم، فإنكم إليه تُرجَعون.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾: الآلهة، ﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا﴾: الشفاعة (١).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ١٧٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٩ إلى المصنف وعبد بن حميد.