للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً﴾. قال: كان بينَ قريتِهم وبينَ الشامِ قرًى ظاهرةٌ. قال: إن كانت المرأةُ لَتخرُجُ معها مغزَلُها، ومِكْتَلُها على رأسِها، تَرُوحُ مِن قريةٍ وتَغْدُو (١) وتَبِيتُ في قريةٍ، لا تَحْمِلُ زادًا ولا ماءً؛ لما (٢) بينَها وبينَ الشامِ.

وقولُه: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وجَعَلْنا السيرَ بينَ قراهم والقرى التي بارَكْنا فيها سيرًا مقدَّرًا مِن منزلٍ إلى منزلٍ، وقريةٍ إلى قريةٍ، لا يَنْزِلون إلَّا في قريةٍ، ولا يَغْدون إلا من قريةٍ.

وقولُه: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾. يقولُ: وقلْنا لهم: سِيروا في هذه القرى - ما بينَ قراكم والقُرى التي بارَكْنا فيها - لياليَ وأيامًا آمنين، لا تَخافون جُوعًا ولا عَطَشًا، ولا من أحدٍ ظُلْمًا.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾: لا تَخافون ظلمًا ولا جوعًا، إنما تَغْدون فتَقِيلون في قريةٍ، وتَرُوحون فَتَبِيتون في قريةٍ، أهلُ جنةٍ ونَهَرٍ، حتى لقد ذُكِر لنا أن المرأةَ كانت تَضَعُ مِكْتَلَها على رأسِها، وتَمْتَهِنُ بيدِها، فيَمْتَلئُ مِكْتَلُها من الثمرِ (٣) قبلَ أن تَرْجِعَ إلى


(١) في م، ت ١، ت ٢: "تغدوها".
(٢) في الأصل: "الماء فيما".
(٣) في الأصل: "التمر".