للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحَلَّه اللهُ على عِلْمٍ (١).

وقال آخرون منهم: بل عَنَى بذلك نكاح بني إسرائيل الكتابيَّات منهن خاصةً، دون سائر أجناس الأمم الذين دانُوا باليهودية والنصرانية. وذلك قول الشافعيُّ (٢) ومن قال بقوله.

وقال آخرون: بل ذلك معنيٌّ به نساءُ أهل الكتاب الذين لهم من المسلمين ذِمَّةٌ وعَهْدٌ، فأمَّا أَهلُ الحرب، فإن نساءهم حرامٌ على المسلمين.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ عُقبة، قال: ثنا الفَزَارِيُّ، عن سُفيان بن حُسينٍ، عن الحكم، عن مِقْسَمٍ، عن ابن عباسٍ، قال: مِن نساء أهل الكتابِ مَن يَحِلُّ لنا، ومنهم من لا يحلُّ لنا. ثم قرأ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [التوبة: ٢٩]. فمن أعطى الجزيةَ حَلَّ لنا نساؤُه، ومَن لم يُعْطِ الجزيةَ لم يَحِلُّ لنا نساؤُه. قال الحَكَمُ: فذكَرتُ ذلك لإبراهيمَ فأعجبه (٣).

وأَوْلى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قولُ مَن قال: عَنَى بقوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. حرائر المؤمنين وأهل الكتاب؛ لأن الله جلّ ثناؤه لم يأذن بنكاح الإماء الأحرار في الحال التي أباحَهنَّ لهم، إلا أن يَكُنَّ مؤمناتٍ، فقال عزَّ ذكرُه: ﴿وَمَن لَّمْ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ١٥٩ عن عبدة، عن سعيد به بمعناه، وينظر تفسير الرازى ١١/ ١٤٨.
(٢) الأم ٥/ ٦.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ١٥٩ من طريق سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس مختصرًا، وينظر تفسير الرازى ١١/ ١٤٨.