للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: مصيرُ الأمورِ كلِّها إليه في الآخرةِ، فيُجازِى أهلَها على قدرِ اسْتحقاقِهم؛ المحسنَ بإحسانِه، والمسيءَ بإساءتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)﴾.

وهذا تعريفٌ مِن الله جلَّ ثناؤُه أهلَ الإيمانِ به السيرةَ فى حربِ أعدائِه مِن أهلِ الكفرِ به، والأفعالَ التي يُرْجَى (١) لهم باستعمالها عندَ لقائِهم النصرةُ عليهم، والظَّفَرُ بهم. ثم يقولُ جلَّ ثناؤُه لهم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، إذا لقيتُم جماعةً مِن أهلِ الكفرِ باللهِ للحربِ والقتالِ، فاثْبُتوا لقتالهم، ولا تَنْهَزِموا عنهم، ولا تُوَلُّوهم الأدبار هارِبين إلا مُتَحَرِّفًا لقتالٍ، أو مُتَحَيِّزًا إلى فئةٍ منكم، ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾. يقولُ: وادْعُوا الله بالنصرِ عليهم، والظَّفَرِ بهم، وأشْعِروا قلوبَكم وألسنتكم ذكرَه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. يقولُ: كيما تَنْجَحوا فتَظْفَروا بعدوِّكم، ويَرْزُقَكم الله النصرَ والظفَرَ عليهم.

كما حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. افْتَرَض اللهُ ذكرَه عندَ أشْغَلِ ما تَكونون (٢)، عندَ الضِّرابِ بالسيوفِ (٣)


(١) فى م، ت ١، ت ٢، س، ف: "ترجى"، وغير منقوطة في: ص.
(٢) في ص، س، ف: "يكونوا"، وفي ت ١: "يكون".
(٣) في ص، ف: "والسيوف". والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٥، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٣/ ١٨٩ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.