للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ﴾. قال: مَنُّوا على النبي ، حيث جاءوه فقالوا] (١): إِنَّا أَسْلَمْنَا بِغَيْرِ قتالٍ، لم نُقاتِلْك كما قاتَلك بنو فلانٍ وبنو فلانٍ. فقال اللَّهُ لنبيِّه : ﴿قُلْ﴾ لهم: ﴿لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ﴾ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ﴾. قال: فهذه الآياتُ نزلت في الأعرابِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن اللَّهَ أيُّها الأعرابُ لا يَخْفَى عليه الصادقُ منكم من الكاذبِ، ومَن الداخلُ منكم في ملةِ الإسلامِ رغبةً فيه، ومَن الداخلُ فيه رَهْبَةً مِن رسولِنا محمدٍ وجُندِه، فلا تعلِّمونا دينَكم وضمائرَ صدورِكم، فإن اللَّهَ يعلمُ ما تُكِنُّه ضمائرُ صدورِكم وتحدِّثون به أنفسَكُم، ويعلمُ ما غاب عنكم، فاسْتَسَرَّ في خبايا السماواتِ والأرضِ، لا يَخْفى عليه شيءٌ مِن ذلك، ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: واللَّهُ ذو بَصَرٍ بأعمالِكم التي تَعملونها؛ أجَهْرًا تعمَلون أم سِرًّا، طاعةً تعمَلون أو معصيةً، وهو مجازيكم على جميعِ ذلك، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ وكُفُؤُه.

و ﴿أَنْ﴾ في قولِه: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا﴾ في موضعِ نصبٍ، بوقوعِ ﴿يَمُنُّونَ﴾ عليها. وذُكِر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ إسْلامَهُمْ)، وذلك دليلٌ على صحَّةِ ما قُلنا. ولو قيل: هي نصبٌ بمعنى: يَمُنُّون عليك لأن


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٣٣ عن معمر به.