للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكذبَ: محمدٌ كاذبٌ، وليس هذا في التوراةِ فلا تُؤْمِنوا به (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يُحَرِّفُ هؤلاء السمَّاعون للكذبِ السمَّاعون لقومٍ آخرين منهم ولم يَأْتُوك بعدُ مِن اليهودِ - الكَلِمَ. وكان تحريفُهم ذلك تَغْييرَهم حكمَ اللَّهِ تعالى ذكرُه الذي أنْزَله في التوراةِ في المُحْصَناتِ والمُحْصَنِين مِن الزُّناةِ، بالرجمِ إلى الجلدِ والتَّحميمِ، فقال تعالى ذكرُه: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾. يعنى: هؤلاء اليهودُ. والمعنِيُّ حكمُ الكلمِ. فاكْتُفِى بذكرِ الخبرِ مِن (٢) تحريفِ الكلمِ عن (٢) ذكرِ الحكمِ؛ لمعرفةِ السامعين لمعناه. وكذلك قولُه: ﴿مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾. والمعنى: مِن بعدِ وضْعِ اللَّهِ ذلك مَواضِعَه. فاكتُفِى بالخبرِ مِن (٢) ذكرِ مواضعِه عن (٣) ذكرِ وضْعِ اللهِ (٤) ذلك، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: ١٧٧]. والمعنى: ولكنَّ البِرَّ برُّ مَن آمَن باللَّهِ واليومِ الآخِرِ.

وقد يَحْتَمِلُ أن يَكونَ معناه: يُحَرِّفون الكلمَ عن (٥) مواضعِه. فتَكونُ "بعد" وُضِعَت موضعَ "عن"، كما يقالُ: جئتُك عن فَراغى مِن الشُّغلِ. يريدُ (٦): بعدَ فَراغى مِن الشُّغلِ.

ويعنى بقولِه: ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا﴾. يقولُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١١٣١ (٦٣٥٩) من طريق أصبغ بن الفرج، عن ابن زيد به، بزيادة في آخره، وسيأتي تمامه في ص ٤٢٧.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عن".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من".
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من بعد".
(٦) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بمعنى".