للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزِّنى وما نزَل إليه فيه، فإنا نَخافُ أن يَفْضَحَنا ويُخْبِرَنا بما صنَعْنا، فإن أعْطاكم الجلدَ فخُذُوه، وإن أمَرَكم بالرجْمِ فاحْذَروه. فأتَوْا رسولَ اللَّهِ فسأَلوه، فقال: "الرجْمُ". فأنْزَل اللَّهُ ﷿: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾: حينَ حرَّفوا الرجْمَ فجعَلوه جلدًا (١).

وأوْلى الأقوالِ في ذلك عندى بالصوابِ قولُ مَن قال: إن السمَّاعِين للكذبِ هم السمَّاعون لقومٍ آخَرِين، وقد يجوزُ أن يكونَ أولئك كانوا مِن يهودِ المدينةِ، والمسموعُ لهم مِن يهودِ فَدَكَ، ويَجوزُ أن يكونَ كانوا مِن غيرِهم غيرَ أنه أيُّ ذلك كان، فهو مِن صفةِ قومٍ مِن يهودَ سمِعوا الكذبَ على اللَّهِ في حكمِ المرأةِ التي كانت بَغَتْ فيهم وهى مُحْصَنَةٌ، وأن حكمَها في التوراةِ التَّحْميمُ والجلدُ، وسأَلوا رسولَ اللَّهِ عن الحكمِ اللازمِ لها، وسمِعوا ما يَقولُ فيها قومُ المرأةِ الفاجرةِ قبلَ أن يَأْتُوا رسولَ اللَّهِ مُحْتَكِمين إليه فيها. وإنما سأَلوا رسولَ اللَّهِ عن ذلك لهم ليُعْلِموا أهلَ المرأةِ الفاجرةِ ما يكونُ مِن جوابِه لهم، فإن (٢) لم يَكُنْ مِن حُكْمِه الرجمُ، رضُوا به حَكَمًا فيهم، وإن كان مِن حكمِه الرجمُ، حَذِروه وترَكوا الرضا به وبحكمِه.

وبنحوِ الذي قلنا كان ابن زيدٍ يقولُ.

حدَّثني يونسُ، قال: أخْبَرَنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾. قال: لقومٍ آخَرِين لم يَأْتُوك (٣) مِن أهلِ الكتابِ، هؤلاء سمَّاعون لأولئك القومِ الآخَرِين الذين لم يَأْتُوه، يقولون لهم


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١١٣٠، ١١٣١ (٦٣٥٦، ٦٣٦٣) من طريق أحمد بن المفضل به مختصرًا.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كى إن".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يأتوه".