للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرب: "بِعْت" بما أغنى (١).

وقد حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن مفضل، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾. يَقُولُ: يَبِيعون الحياةَ الدنيا بالآخرةِ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: ﴿يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾: يَشْرِى: يَبيعُ، ويَشْرِى: يَأْخُذُ، فَأَخبَر (٣) أَنّ الحمقى باعوا [الآخرةَ بالدنيا] (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: وما لكم أيُّها المؤمنون لا تُقاتِلون في سبيل اللهِ، وفى ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾. يَقُولُ: وعن المستَضْعَفين منكم مِن الرجالِ والنساء والوِلدان؛ فأما ﴿مِنَ الرِّجَالِ﴾ فإنهم كانوا قد أسلَموا بمكةَ فغَلبتهم عشائرُهم على أنفسهم بالقَهْرِ (٥) لهم، وآذَوهم ونالوهم بالعذابِ والمكارِه في أبدانِهم؛ ليَفْتِنُوهم عن دينِهم، فحض اللهُ المؤمنين على استِنْقاذِهم من أيدى مَن قد غلَبَهم على أنفسهم مِن الكفارِ، فقال لهم: وما شأنُكم لا تقاتِلون في سبيلِ اللهِ، وعن مستَضْعَفى أهلِ


(١) تقدم في ٢/ ٢٤٧، ٢٤٨.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٠١ (٥٦٠٢) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٣) في ص، م: "و".
(٤) في م: "الدنيا بالآخرة". وينظر التبيان ٣/ ٢٥٧.
(٥) في الأصل: "بالغمة".