للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاضرةِ؛ لأنَّ خبرَ النكرةِ يتبعُها، فيكونُ تأويلُه: إلا أن تكونَ تجارةٌ حاضرةٌ دائرةٌ بينكم.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾.

يعنى بذلك جل ثناؤه: وأشْهِدوا على صغيرِ ما تَبايَعْتُم وكبيرِه مِن حقوقِكم؛ عاجلِ ذلك وآجلِه، ونقدِه ونَسائِه، فإنّ إرْخاصى لكم في تركِ اكْتِتابِ الكتبِ بينَكم، فيما كان مِن حقوقٍ تَجْرِى بينكم لبعضِكم مِن قِبَلِ بعضٍ، عن تجارةٍ حاضرةٍ دائرةٍ بينَكم يدًا بيد ونقدًا، ليس بإرخاصٍ منى لكم في تركِ الإشهادِ منكم على مَن بِعْتُموه شيئًا، أو ابْتَعْتُم منه؛ لأن في تركِكم الإشهادَ على ذلك خوفَ المَضَرَّةِ على كلا الفريقَين؛ أما ما على المُشْتَرى فأن يَجْحَد البائعُ البيعَ، وله بينةٌ على مُلْكِه ما قد باع، ولا بينةَ للمشترِى منه على الشراءِ منه، فيكونَ القولُ حينئذٍ قولَ البائعِ مع يمينِه ويُقْضَى له به، فيَذْهَبَ مالُ المشترِى باطلًا. وأما ما على البائعِ يَجْحَدَ المشترِى الشراءَ، وقد زال ملكُ البائعِ عما باع، ووجَب له قِبَلَ المُبتاعِ ثمنَ ما باع، فيُحْلِفَ على ذلك، ويبْطُلَ حقُّ البائعِ قِبَلَ المشترِى مِن ثمنِ ما باعه، فأمَر اللهُ ﷿ الفريقَين بالإشهادِ؛ لئلا يَضِيعَ حقٌّ أحدِ الفريقين قِبَلَ الفريقِ الآخرِ.

ثم اخْتَلَفوا في معنى قولِه: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾. أهو أمرٌ مِنَ اللهِ واجبٌ بالإشهادِ عندَ المُبايَعةِ أم هو ندبٌ؟ فقال بعضُهم: هو ندبٌ، إن شاء أَشْهَد، وإن شاء لم يُشْهِدْ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبى، عن الربيعِ، عن الحسنِ، وسفيانَ (١)، عن رجلٍ، عن الشعبيِّ في قولِه: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾. قالا (٢): إِن شَاء أَشْهَد،


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "شقيق".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قال".