وهذا وعيدٌ مِن اللهِ تعالى ذكره لهؤلاء المشركين مِن قريشٍ، القائلين للذين آمنوا: ﴿اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾. يقولُ لنبيِّه محمدٍ ﷺ: لا يَحْزُنْك (١) يا محمدُ ما تَلْقَى مِن هؤلاء المشركين أنت وأصحابُك من الأذَى، فإنى وإن أملَيتُ لهم، فأطَلتُ إملاءَهم، فإن مصيرَ أمرِهم إلى البَوارِ، ومصيرَ أمرِك وأمرِ أصحابِك إلى العُلُوِّ والظَّفَرِ بهم، والنَّجَاةِ مما يَحِلُّ بهم من العقابِ؛ كفعلِنا ذلك بنوحٍ، إذ أرسَلناه إلى قومِه، فلَبِثَ فيهم ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى توحيدِ اللهِ وفِراقِ الآلهةِ والأوثانِ، فلم يَزِدْهم ذلك مِن دُعائه إياهم إلى اللهِ، مِن الإقبال إليه، وقبولِ ما أتاهم به من النصيحةِ من عندِ اللهِ - إلا فِرارًا.
وذُكر أنه أُرسل إلى قومِه وهو ابنُ ثلاثمائةٍ وخمسين سنةً.
كما حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ الجَهْضَمِيُّ، قال: ثنا نوحُ بنُ قيسٍ، قال: ثنا عونُ ابنُ أَبي شَدَّادٍ، قال: إن اللهَ أرسَل نوحًا إلى قومِه وهو ابنُ خمسين وثلاثِمائةِ سنةٍ، فلَبِث فيهم ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا، ثم عاشَ بعد ذلك خمسين وثلاثَمائةِ سنةٍ (١)
﴿فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ﴾. يقولُ تعالى ذكره: فأهْلَكهم الماءُ الكثيرُ. وكلُّ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٤٢ من طريق نصر بن على به.