للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قولِه تعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه : إنا فتَحْنا لك فتحًا مبينًا ليَغْفِرَ لك الله، ولِيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تَجْرِى مِن تحتها الأنهارُ، ولِيُعَذِّبَ المنافقين والمنافقات، بفتح (١) الله لك يا محمدُ ما فتَح لك، من نصرك على مشركي قريش، فيُكْبَتوا (٢) لذلك ويَحْزَنوا، ويُخَيِّبَ رجاءَهم (٣) الذي كانوا يَرْجُونَ مِن رؤيتهم في أهلِ الإيمانِ بك مِن الضعفِ والوَهْنِ والتولِّى عنك في عاجل الدنيا، وصليِّ النار والخلودِ فيها في أجل الآخرةِ، ﴿وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ﴾. يقولُ: ولِيُعَذِّبَ كذلك أيضًا المشركين والمشركاتِ، الظَّانِّينَ باللهِ أنه لن يَنْصُرَك وأهل الإيمان بك على أعدائك، ولن يُظْهِرَ كلمتَه فيَجْعَلَها العليا على كلمة الكافرين به، وذلك كان السَّوءَ مِن ظُنونهم التي ذكَرها الله تعالى ذكرُه في هذا الموضعِ. يقولُ تعالى ذكرُه: على المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين ظنُّوا هذا الظَّنَّ، ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾. يعني: دائرةُ العذابِ تَدُورُ عليهم به.

واختَلَفَت القرأةُ في قراءة ذلك؛ فقرأته عامةُ قرأة الكوفة: ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ بفتح السين (٤). وقرأه بعضُ قرأة البصرة: (دائرةُ السُّوء) بضمِّ السين (٥).


(١) في ت ٢، ت ٣: "يفتح".
(٢) في ص، ت ١: "فيكتئبون".
(٣) في م: "رجاؤهم"، وفي ت ١: "رجالهم".
(٤) وهى قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي. ينظر السبعة لأبي مجاهد ص ٦٠٣.
(٥) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو. المصدر السابق.